سيد الفنون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سيد الفنون

منتدى يعنى بشؤون الفنون المسرحية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
منتديات سيد الفنون...تعنى بشؤون الفنون المسرحية...نتمى لكم اجمل وامتع الاوقات

 

 وليم سارويان كاتب البسطاء والحب الذي لايموت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي العبادي
مدير المنتدى



عدد المساهمات : 37
تاريخ التسجيل : 17/07/2010

وليم سارويان كاتب البسطاء والحب الذي لايموت  Empty
مُساهمةموضوع: وليم سارويان كاتب البسطاء والحب الذي لايموت    وليم سارويان كاتب البسطاء والحب الذي لايموت  Icon_minitimeالسبت يوليو 24, 2010 5:16 am

وليم سارويان كاتب البسطاء والحب الذي لايموت

عبد الفتاح قلعه جي

"سر المسرح هو الحب.. والحب خالد، أما الكراهية فتموت"
هكذا يقول على لسان أبطاله وليام سارويان الكاتب الأمريكي - الأرمني الذي حمل معه سحر الشرق، بحكم انتمائه الأسري له، وبشّر بفلسفاته في قدسية الروح الإنسانية، ، وراح يزرع بما أبدع من قصص ومسرحيات في القارة الجديدة المليئة بالمتناقضات والصراعات والقسوة حب الناس للناس، ولا شيء غير الحب ، موقناً بأن الكراهية لا بد أن تموت.
نصوصه مرآة للانسان البسيط المسحوق الذي تتفنن قوى الظلم والبؤس الاجتماعية في أن تذيقه ألوان المعاناة ولكنه يبقى مصراً على الحياة متسلحاً بحب إنساني لا محدود وأمل شارق. وهو مصر على كشف أسرار الحياة من خلال مغامرة العيش اليومية والاتحاد مع الكون، يقول: "كل يوم جديد بمثابة مغامرة مثيرة، فاليوم في حد ذاته مغامرة بصرف النظر عن الاحزان التي تقع فيه، ولايوجد معنى آخر للحياة الا في تلك اللحظة التي يتحد فيها الانسان مع الكون هذا الاتحاد لايبدو فقط في الاحداث الملحمية لكن في كل لحظة من لحظات اليوم الذي يعيشه الانسان العادي".
هذه العلاقة العضوية بين الإنسان والكون تقوم على الحب، وإدراكها هو الذي يمنح الإنسان حريته الواسعة المحدودة. يقول د.نبيل راغب في موسوعة أدباء أمريكا "الإنسان لدى سارويان هو ذلك الكائن الذي يعرف مكانه جيداً من العالم المحيط به، عندئذ يمكنه الانطلاق من قيود اللحظة الراهنة والخروج الى المجال المشحون بالقوى غير المحدودة والمعجزات الباهرة. ذلك المجال الذي يفقد فيه الزمن سطوته الباهرة "
وما دام الانسان هو النسيج العضوي والأساسي في هذا الكون فانه من الممكن ان يدرك الكون كله من خلال نفسه. وهذه النظرة إلى الإنسان والكون تتلاقى مع فلسفة ابن عربي في الإنسان الكامل، الإنسان الذي يختزل في داخله الكون كله ، يقول ابن عربي:
وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
وفي الحلم وأحلام اليقظة، حيث يتكرران في شخصياته، تتحقق لدى الإنسان حالة من الشفافية يلتقى معها بذاته. يقول في قصته القصيرة " الفتى الشجاع على العقلة الطائرة" التي كانت بداية شهرته الأدبية عام 1934 :" في النوم فقط يمكننا أن نعرف أننا أحياء،، فقط في ذلك الموت الحي نقابل أنفسنا".
تعاني النفس في فلسفات التصوف لدى ابن سينا والسهروردي وابن عربي وغيرهم من الأسر وثقل الزمن منذ أن تقيّد بناسوت الجسد، فهي أبداً تلك الورقاء التي تجاهد للعودة إلى منشئها. ومثل هذه الفكرة والإحساس نجدهما عند سارويان حين يقول عن حياته : "قضيت أربع سنوات في الميتم وسبعا في المدرسة وثلاثا في الجيش وفي كل مرة يُلقى فيها القبض علي يبدو الزمن حينها ثقيلا أبديا، لكنني كنت مخطئا فالحقيقة هي أنني قد ألقي القبض عليَّ منذ أن ولدت، منذ أن أبصرت نور الحياة".
ولد وليم سارويان عام 1908 في في بلدة فريسنو بولاية كاليفورنيا في أسرة أرمنية فقيرة هاجرت إلى أمريكا، وعانى شظف العيش فاشتغل بائع صحف وموزع برقيات ثم عمل في إحدى المزارع، مما أتاح له التعرف على نماذج إنسانية عديدة في المجتمع.
واستطاع بائع الصحف الأرمني الفقير هذا أن ينال جائزة بوليتزر الادبية ويحقق شهرة أدبية واسعة حتى أصبح واحداً من أبرز كتاب القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية.
مسرحيته الأولى "قلبي في الأراضي المرتفعة" التي تحمل نفح الروح الشاعرية في عالم مادي، قدمته ككاتب مسرحي فكان أن تلاها بمسرحية " أيام العمر" كتبها في ستة أيام مابين 8-13/5/1939 وقدمت على خشبة المسرح بعد خمسة أشهر ونال عليها جائزة بوليتزر. وهذه المسرحية، وهي من أمتع ما قرأت، تنساب فيها العلاقات والمشاعر الإنسانية كجدول رقراق، فثمة شخصيات تلتقى صدفة في حانة: كيتي الفتاة المعدمة الشابة، وكيت كارسون المقاتل الهندي العجوز، والرجل العربي العازف على الهارمونيكا والذي يلخص فلسفته في الحياة بقوله: " كل شيء في حيص بيص" ، وهاري الراقص المحترف، وويسلي الصبي الزنجي العازف على البيان بشفافية حزينة والذي أغمي عليه من شدة الجوع، ودودلي الشاب العاشق.. وشخصيات أخرى كثيرة هي نماذج لبسطاء الناس ومعوزيهم، أما "جو" الشاب الغني المتبطل فيعتبر نفسه مسؤولاً عن البشر، يقول : " الواقع أنني احس بالمسؤولية تجاه كل إنسان" ، أنقذ حياة توم الذي كان مريضاً وجائعاً فأصبح مريداً له، وانتشل كيتي من محيطها وزوّجها بتوم، وهو يشتري جميع نسخ الصحف من بائعها الصبي ويرميها ليخفف عنه عناء البحث عن مشترين. أما " نيك" الطيب صاحب الحانة فيراقب كل شيء، ويرحب بالجميع، وتجيء المومسات إلى حانته ويدعين أنهن ذوات موهبة كي يؤمن لهن عملاً، وتجيئه أيضاً شخصيات راقية ، ولهذا فهو يقول إن حانته العتيقة الرخيصة ذات شخصية مجنونة.
أبطال سارويان نماذج بشرية طيبة إنسانية يجمعها الحب والإيثار ، وهو يثق بهم ويتعاطف معهم، ويقدمهم للقارئ بحنان ورقة وشفافية، وحتى الأشرار فإنه لا يحتقرهم بل يعطف عليهم ويحاول أن يفهمهم، أما فعل القتل إن وجد كما في محاولة جو قتل "بليك" الشرطي الذي يتقصد إيذاء الضعفاء فهو ليس قتلاً للشرير وإنما هو قتل للشر. يقول " حاول ان تفهم الأشرار والضالين على حقيقتهم، ولا تجد غضاضة في ان تكون رحيماً رقيقاً ، ولكن إذا اضطرتك ظروف الحياة إلى أن تقتل فاقتل ولا تندم على ما فعلت". وإذا كانت شخصياته في " أيام العمر تلتقي في حانة عتيقة رخيصة، فإنها في مسرحيته أهل الكهف تلتقي أيضاً في مسرح مهجور، وفي روايته الكوميديا الإنسانية التي تمت مسرحتها تلتقي في مركز للبريد، والتي تعتبر بحق معزوفة إنسانية خالدة، فمثلما الإنسان هو الجزء العضوي الذي يُختصر فيه العالم، فإن المكان هو المعادل المكان- المادي للمجتمع البشري تتحرك فيه شخوصه، وهذا المكان هو دائماً الرحم الدافئ الحاني للمجموعة الإنسانية التي يحتويها. يقول الملك(المهرج العجوز) في مسرحية أهل الكهف وهو يودع المسرح المهجور قبل أن يهدم: " وداعاً أيها الرحم، الكهف، المخبأ، البيت، الكنيسة، العالم، وداعاً عامراً بالحب" . ثم تنتقل مجموعة سكان الكهف إلى كهف آخر، مسرح مهجور آخر شرقي المدينة.
المعقول واللامعقول، الحلم والواقع، تتمازج بفنية عالية وإحساس عميق حين تواجه وتتقابل الذات الإنسانية الداخلية النبيلة التي أرهفها الحب والإيثار والتضحية مع العالم الخارجي بكل برودته وقسوته وصلابته. وثمة إصرار في النهاية على التحدي واستمرار الحياة والثقة بالنفس، وفي هذه النقطة حيث الدعوة إلى التفاؤل والأمل، يلتقى مع الأثر الأخير الذي تتركه أعمال تشيخوف. شخصيات سارويان هي شخصيات إنسانية ساطعة، والدراما لديه تتولد من بلورة الحالة الإنسانية في مركز الرؤية ، وهذه الشخصيات هي انعكاس حقيقي لروح سارويان وشخصيته، ولعل اللقاء التالي الذي جرى بينه وبين طبيب حلبي يوضح هذا الأمر.
يروي الطبيب الحلبي طوروس طورانيان قصة لقائه مع وليم سارويان في دكان خياط في شارع لافاييت بباريس، حيث جرى بينهما الحوار التالي:
سارويان: هل أنت من حلب؟
طوروس: نعم، أنا من حلب.
سارويان: أنا أحب حلب كثيرا، وأحب أسواق حلب وأحب قلعة حلب، العرب قوم بسطاء وأنا أحب الناس البسطاء. ولكن قل لي هل يوجد مسرح في سورية؟
طوروس : طبعا. يوجد مسرح في سورية.
سارويان: المسرح هام يا طوروس، اكتب للمسرح ، قل للسوريين أن يكتبوا للمسرح
طوروس: ولكنني لا أعرف كتابة المسرحيات.
سارويان: لا عليك، أنا أعلمك. أنت متزوج وعندك زوجة وأولاد، حسن، لابد أنك تتشاجر مع زوجتك أحيانا، مثلا جئت متأخرا أو عدت ثملا ، غضبت زوجتك وصرخت فيك، أو طلبت مالاً، وأنت لا تملك ، أو خسرت ما معك في الميسر.. باختصار اكتب عن شجاركما صفحة أو صفحتين.
وتابع سارويان قائلا: لك ابنة عادت متأخرة سألتها أين كنت؟ قالت : ما شأنك ألست حرة ؟ لك ولد قلت له اذهب واشتر لي سجائر. قال : أنت تدخن اذهب واشتر سجائرك بنفسك، وبما أنك أب فقد غضبت عليه .. اكتب كل ذلك في صفحة أو صفحتين . لو كتبت كل يوم هكذا لوجدت نفسك وقد كتبت ستين صفحة بعد شهر ، وسترى نفسك وقد كتبت مسرحية ، وتكون هذه المسرحية مسرحية حلب . إنهم لا يرون حلب في أمريكا أو باريس، ولا يرون حلب في ألمانيا أو اليابان أو يرفان، فإذا كنت صادقا فيما كتبت وعرضت المسرحية في هذه البلدان سيشاهدها الناس ويرون حلب ويحبون حلب ، وهذه قوة المسرح.
طوروس : ولكنني طبيب مخدر ولي عملي الذي يشغل معظم وقتي.
سارويان: حسن تقول إنك طبيب مخدر ، حسن، هل مات أحد بين يديك ؟
طوروس: نعم، كان صبيا في الثالثة عشرة اسمه عمر.
سارويان: لا أهمية للاسم أو الجنسية أو الدين.. هذه حادثة تصلح لأن تكون مسرحية بشرط أن تتسلح بكل المشاعر الإنسانية النبيلة.
طوروس : وكيف؟
سارويان : حدث نفسك وقل: مسكين عمر لم يتمتع بالحياة ، مسكينة أم عمر كم تعذبت وهزت السرير ونسجت الأحلام لترى ابنها وقد كبر وأصبح طبيبا أو مهندسا أو محاميا. ماتت أحلامها وبقي الحزن إلى الأبد. مسكين أبو عمر توقع ابنه أن يحفظ ذريته فمات بسرعة خاطفة، لا شيء أفظع من هذا. وأنت عندما مات الصبي خفق قلبك واكتهلت بسرعة وفكرت، لماذا مات ، ما ضر لو لم يمت، وتألمت، لقد ذهب عمر وبقي الحزن في القلوب!
أخيرا .. هذا هو سارويان ينحت لنا بأناة وتمهل في أعماله القصصية والمسرحية، الشخصيةَ الإنسانيةَ التي تكتنز الحياة بآلامها وإشراقاتها، وتكبر بمحبة الإنسان.

*********
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fnuonmastar.yoo7.com
 
وليم سارويان كاتب البسطاء والحب الذي لايموت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سيد الفنون :: المسرح العالمي-
انتقل الى: